اختلاف على تاريخ الحضارة الكردية

جرت مجريات هذه الذكرى بتاريخ 1998 في إحدى المنتديات الأدبية بحضور جمع غفير من الكتاب،فتم الحوار بين كاتب كوردي

وبين مجموعة من المثقفين الوطنين...

مقتطفات من الذكرى :

وأثناء عرض المحاضَرة قارنت السيدة المحاضِرة بين الحضارة العربية الإسلامية وبين شعوب أقل حضارة منها حسب رأيها وذكرت الأكراد كمثال.وبعد أن انتهت المحاضرة استأذن الكاتب الكوردي للمداخلة وقبل أن يبدي رأيه طلب منه أحد الحاضرين الهدوء والبعد عن التشنج .

الكاتب الكوردي: انطلاقا من المقولة الشعبية 'لسانك حصانك إن صنته صانك' أبدأ مداخلتي وأشكر كل الحضور وشكري الخاص للسيدة المحاضِرة،وهنا تتدخل المحاضِرة لتقول:أعرف ما ستقول أنا لم أقارن وإنما ابن خلدون هو الذي قارن.

الكاتب الكوردي:أنا لم أتكلم بعد!! فيقاطعه أحد الكتاب فيقول: أيها الصديق ابتعد عن العنصرية وابدي بما تشاء.

الكاتب الكوردي:شكرا على النصيحة ولكن دعوني يا ناس أحاور دون مقاطعة لكي تفهموا وجهة نظري قبل أن يطلق كلا منكم أحكاما مسبقة فأحد الحاضرين وبمجرد ما عرف بمداخلتي طلب مني الهدوء والآخر طلب أن أبتعد عن العنصرية والأخت ذكرت الأطروحة التي سأتحاور بشأنها قبل أن أتفوه بكلمة،أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم.فلنقارن مثلما قارنت السيدة،كتاباتي المنشورة وكتابات الإخوة أية منهما تعزف العواطف وتثير عواصف العنصرية!! ولكن ينبغي أن نلتزم المنهجية العلمية في هذه الجلسات و نتحاور بخصوص المحاضرة فقط وأنا مستعد أن أتحاور مع أي إنسان في أي مكان وفي أي موضوع فيما بعد.

هيئة إدارة الحوار:تفضل بمداخلتك فلديك من الوقت ثلاث دقائق فقط.

الكاتب الكوردي:شكرا لكم فمداخلتي بخصوص مقارنة السيدة المحاضرة التي قارنت بين الحضارة العربية الإسلامية وبين شعوب أقل حضارة منها حسب رأيها وذكرت الأكراد كمثال.

أولا بخصوص مقارنة ابن خلدون،فالسيدة لم تذكر لنا من هو ابن خلدون لنتعرف عليه والسؤال المطروح من هو ابن خلدون ؟!

السيدة :ابن خلدون...ابن خلدون

الكاتب الكوردي: اسمه .... نسبه.... من هو ؟!

السيدة :لا أدري والمهم هو فكره وما قدمه للحضارة العربية الإسلامية.

الكاتب الكوردي:نعم المهم أفكاره والأهم أفكاره ونسبه واسمه ومن يكون ؟ وبإمكاني أن أوضح من يكون ؟ هو ولي الدين عبد الرحمن بن محمد بن خلدون البربري كاتب مغربي ولد في تونس /1332م /وتوفي عام /1407م/ ومن أشهر كتبه ...المقدمة... ولا عيب أن يكون بربريا. أما بالنسبة للمقارنة التي أجريتها فهي مقارنة ذاتية انتقائية غير علمية

السيدة:وبانزعاج شديد ...لا مقارنتي علمية

الكاتب الكوردي : يوجه كلامه للحاضرين ألا تعتبر السيدة ومعها ابن خلدون الأكراد جزأ لا يتجزأ من الحضارة الإسلامية حتى تقارن بين الأكراد والحضارة الإسلامية؟!

إدارة الجلسة:سؤال وجيه وبليغ

الكاتب الكوردي: وأيضا دققي معي يا سيدتي ألا تلاحظين بأن مصطلح الحضارة العربية الإسلامية يحمل في طياته مفارقات لا تعد ولا تحصى...؟!

إدارة الجلسة كيف ذلك وضح لنا لنسمع حججك ...؟.

الكاتب:لست هنا بإعطاء محاضرة حول الحضارة ولكن هذا المصطلح يعني كل ما أنتجه الإنسان من قيم وثقافة من علوم ومعارف وأبنية وسخرها خدمة لسعادة البشر فهذه المصطلحات ـ الحضارة والثقافة والمدنية ـ رغم إنها واحدة في التحليل الأخير ومترادفة فإن كل مصطلح يميز خاصة جوهرية ويركز على جانب معين.فالجزء الأعظم من مصطلح الحضارة يشير إلى ما أنتجه الإنسان من معارف وأفكار وقيم ....أما الديانة الإسلامية كما هو معروف رسالة منزلة من السماء إلى الأرض وتعني الانقياد والامتثال لأمر الله عز وجل واجتناب نواهيه،وبدلالة أوسع تعني رسالة الله في الأرض تبدأ برسالة سيدنا آدم وتنتهي برسالة سيدنا محمد.

فالحضارة نتاج إنساني والإسلام تعاليم ربانية،ليست إبداعا إنسانيا ولا يجوز أن نخلط تعاليم السماء ونضمها لمنتوج أرضي كما ادعى بعض المغرضين 'الإسلام منتوج عربي خالص '

وأيضا يا محاضرة هل العرب هم عنصر الأوحد في الدين الإسلامي حتى تقولين الحضارة العربية الإسلامية رغم أن الذي بنى صروح هذه الحضارة هم ' الأكراد ،الشركس،الترك،الفرس،العرب'.وهل يجوز أن أقول الحضارة الكوردية الإسلامية ... ؟!

السيدة: أقصد الموروث المعرفي والثقافي...

الكاتب:تختزلين الحضارة في موروث معرفي ثقافي فقط فليكن...! ولكن ألا تعرفين بأن معظم الفقهاء والمحدثين وعلماء الكلام والفلاسفة والمفسرين ليسوا عربا ....؟!

د خالد:قد تقصد أبطال الذين صنعوا الحضارة ...

الكاتب الكوردي: لا أعرف إذا كانت الحضارة منتوجا جماعيا أم فرديا !ولا أعرف من يدون التاريخ وعلى أي أساس يرتكز رغم الهوة الموجودة بين المؤرخين حسب العرق والطائفة والولاء والضمير ...

لكن لنفرض ما قلت صحيحا فالأبطال الذين أوقفوا الزحف المغولي والصليبي ليسوا عربا والذين بنوا صروح الدولة الإسلامية هم عجم وعرب و الذين بشروا بالإسلام في البلقان وقوقاز وخراسان وأصفهان هم عجم...والذين فتحوا الأندلس هم بربر....

وهل سلطان الشرق صلاح الدين وظاهر بيبرس وأبو مسلم خراساني وطارق بن زياد وسلطان سليم الأول...كانوا عربا أم عجم؟!

وهل كان حلاج وابن كثير وابن خلكان وابن الأثير وهل فلاسفة الإسلام عربا أم عجم ....؟

وهل الإسلام ميز بين عرق وآخر حتى تميز الأخت وتنسب حضارة برمتها إلى قومية معينة دون أخرى؟

وهل كلمة العربي مترادفة لكلمة الإسلام أم تدل على شعب يعتنق الدين الإسلامي مثل بقية الشعوب الإسلامية الأخرى؟ فإذا كانت مترادفة في قاموسك فأنا أول من سيستخدمه في المستقبل وإن كانت مختلفة فماذا أنت بفاعلة يا سيدتي؟

في هذه المحاضرة دمجت بين مفهوم العروبة والإسلام وعندما قارنت بين الحضارة العربية الإسلامية والبربر والأكراد نموذجا....كنت تنطلقين من رؤية أيديولوجية أليس كذلك؟

السيدة :نعم لأن المصطلحين لا ينفصلان ويذوب كل منهما في الآخر وعلاقة العروبة بالإسلام علاقة هوية

الكاتب الكردي: لندقق ولنبحر في التاريخ...

إن الأرض الخصبة شرط لازم لأية حضارة فالبيئة الجغرافية للأكراد ' أنهار ،جبال،سهول ' ليست صالحة للزراعة فقط وإنما لبناء صروح حضارية والتاريخ يخبرنا بأن العصور التاريخية تبدأ بإختراع الكتابة 4000 ق.م .. وفي هذه الفترة اكتشفت الكتابة ودوّن التاريخ في أرض موزوبوتامية وعرف الأكراد التدوين والديانات والديانة الإيزدية نموذجا 'كتاب جورج حبيب الإيزدية بقايا الديانة القديمة'

كما أنت يا سيدتي لم تقرئي التاريخ ومن لا يقرأ التاريخ يبق طفلا تناسيت بأن موطن الزراعة هو سهل جرمو 6000 ق.م قرى قريبة من كركوك وأيضا تناسيت بأن أول الأواني الفخارية اكتشفت في لورستان 'كردستان إيران' وبناء على ذلك تم المقايضة 'تبادل سلعة بسلعة أخرى'

أما بالنسبة للحضارات القديمة فالأخت تناست بأن الأكراد هم أحفاد الآريين و موزوبوتامية مهد البشرية الثانية

والأدلة 1ـ الأساطير : ذكرت حادثة الطوفان في أساطير الشرق القديم سومرية بابلية أشورية.

2ـ الأديان السماوية: ذكرت حادثة الطوفان في الكتب السماوية في التوراة والإنجيل والقرآن وإليكم ما ورد في القرآن 'واستوت على الجودي' سورة هود '44'

3 ـ العلم :وفي مجال الأبحاث العلمية قدمت الأركولوجيا اكتشافا عن طريق عدة تجارب لفحم الكلور المشع عندما كانوا يحللون بقايا من سفينة النوح فأكدوا بأن هذه البقايا ترجع لزمن سيدنا نوح و موزوبوتامية مهد السلالة البشرية الثانية.

وأيضا وحسب تقسيمات الانتربولوجيا لمراحل تطور الإنسان فإن الإنسان النياندرتال وجد له مغارتين في 'دودارية' بعفرين، و'شنيدار' في كردستان العراق وترجع بتاريخها إلى 80،000-100,000سنة ق.م إذا موزويوتامية مهد البشرية حسب المعطيات.

ولكن هل كوردستان مهد الأساطير والملاحم القديمة ،والأديان و الفلسفات أم لا ...؟!

لا نخطئ إن قلنا إن موزوبوتامية مهد الديانات الجماعية فالإيزيدية ترجع بتاريخها إلى الألف الرابع وهذا مدون في 'كتاب جورج حبيب' أما الزارادشتية كنموذج للديانات الفردية أول من دعت إلى توحيد الإله ترجع بتاريخها إلى الألف الأول قبل الميلاد فأولى ديانة جماعية والثانية ديانة فردية أي لها رسول وستلاحظين يا سيدتي عندما تقارنين بين الزارادشتية وغيرها من الأديان السماوية بأن الزارادشتية ديانة توحيدية سماوية. أما الزارادشتية كمنظومة فلسفية وأخلاقية منبثقة من الديانة الزارادشتية.

الكاتبة:لو تيقنت من كلامك لتركت كل الأديان.

الكاتب: هل تناسيت كما هو موجود في الإنجيل زيارة المجوس لبيت المقدس ليباركوا ميلاد اليسوع وزيارة سلمان الفارسي لمحمد ص قبل أن يسمع به أحد.

د: ألست عنصريا بعد أن قلت ما عندك...؟

الكاتب:أقدم الحقائق وأرفض عنصرية أية قومية كما أرفض كل الدعوات العنصرية كتلك'الشرق شرق والغرب غرب ولا يمكن أن يلتقيان ' 'شعب الله المختار' ' نحن أفضل العروق 'فكيف أدعو للعنصرية،أناقشكم معرفيا وكل ما سبق لا يفيد مالم يقترن بالعمل فقط أميز بين الذي يعمل من أجل الخير وبين غيره؟!.

إدارة الجلسة نشكرك على هذه المعلومات المخفية والمخيفة والمحرمة والقيمة ونأمل أن ترى النور إذا كانت صحيحة .

الكاتب:الحقائق لا تخيف أحدا ومعلوماتي لم تحرمها التشريعات وليست بأشباح.

السيدة :أرجو أن تكون نزيها في تقديم هذه المعلومات لنا.



وختاما وبعد عرض تفاصل الحوار نلاحظ سلبية التهميش والتلاعب وإلغاء الآخر في زمن الآخر مرآة الذات وفهمه