كلام في العيد

** كلام في العيد **

إن فرحة المؤمن بعد انقضاء شهر رمضان فرحة لا توصف .. حيث يزداد المؤمن مقربة إلى الله سبحانه .. فيبذل ماله للفقراء والمحتاجين .. ويواسي جيرانه .. ويصل أرحامه .. ويفعل ما له وما عليه من حقوق وواجبات كإنسان مسلم ..
والعيد الحقيقي هو ما يشعر به المؤمن من دافع قوي يدفعه للخير والمعروف ومراقبة الله دائماً .. في أيام العيد .. وأيام رمضان وفي غير أيامه ..
إن العيد صبغة روحية .. فهو روح صادق يدفع إلى معاني يجب أن تستمر .. معان فيها تراحم وتعاطف وتضامن وتحابب وتسامح بين الناس .. فيها بذل وسخاء وإظهار للنعمة ..

وهنا أود أن نقف ونتأمل فيما قاله بعض العلماء والحكماء والصالحين في العيد ..
• قال أحد الحكماء : ليس العيد لمن لبس الجديد .. وإنما العيد لمن أمن الوعيد ..
• وسئل أحد العارفين الصالحين : متى عيدكم ؟ فأجاب : إن أيامنا كلها أعياد .. فيوم لا نعصي الله فذلك عيدنا .. ويوم نطيع الله ونؤدي الفرائض فذلك عيدنا .. ويوم يتحقق نصر الله للمؤمنين فذلك عيدنا .. ويوم نعود إلى رحاب الله مصلحين شؤوننا وتائبين من ذنوبنا فهو عيدنا .. فليس العيد لمن لبس الملابس الفاخرة .. وإنما لمن أمن عذاب الآخرة ..
• ونظر حسن البصري إلى قوم منصرفين من صلاة عيد الفطر معاً يتدافعون ويتضاحكون .. فقال : الله المستعان .. إن كان هؤلاء قد تقرر عندهم أن صومهم قد تقبل فما هذا محل الشاكرين .. وإن علموا أنه لم يتقبل فما هذا محل الخائبين ..
• وقيل لرابعة العدوية وقد انصرفت من الجباّنة في يوم عيد الفطر : كيف رأيت الناس في هذا اليوم ؟ قالت : خرجتم لإحياء سنة وإماتة بدعة .. غير أنكم أظهرتم نعمة أدخلتم بها على الفقراء مذلة ..

وفي العيد يسن التكبير .. في المساجد والبيوت والأسواق .. فلتكبر قلوبنا كما تكبر ألسنتنا ..
ولنجتمع دائماً كما نجتمع لصلاة العيد وفي أيامه .. ولتتصافح نفوسنا كما تتصافح أيدينا في العيد ..
ولنلبس أكمل الأخلاق كما نلبس أفخر الملابس في العيد .. ولنحلي أفواهنا بأطيب الكلام كما نحليها بأطيب الحلويات في العيد ..
وإن فرحة المسلم في العيد تكون فرحة زينة وعبادة .. أي يجمع بين حظي الجسم والروح .. ولا يفرط في أحدهما على حساب الآخر ..
وأرجو أن نفهم العيد على أنه معان ودروس .. وليس مجرد عادة جامدة وروتين سنوي .. وأن نفهمها تقوى وإحسان .. وليس فقط زينة وشراء .. وأن نفهمها عبادة ونظام .. وليس فلتان للزمان ..

اللهم اجعلنا ممن يدركون معنى العيد ويفهمونها .. ولا تجعلنا من الجاهلين ..
اللهم اجعل أعمالنا في العيد أفضل الأعمال وأرقاها .. ولا تجعلنا من التائهين ..

وكل عام وأنتم بخير .. وينعاد عليكم بالصحة والبركة والفائدة